انهيار الليرة السورية والحلول المقترحة

سجلت الليرة السورية في نهاية 2022 أدنى سعر صرف أمام الدولار الأميركي، متخطية حاجز 7000 ليرة للدولار الواحد، وسط غياب الحلول الاقتصادية التي أصبحت شبه معدومة أمام حكومة دمشق في ظل السياسات الاقتصادية الخاطئة، فضلاً عن العقوبات الاقتصادية الأميركية والأوروبية المفروضة على النظام السوري والمرتبطة بشكل مباشر بعدم انخراط النظام في الحلول السياسية المطروحة لإنهاء الصراع القائم في البلاد.

ويرجع خبراء اقتصاديون تراجع قيمة صرف الليرة السورية على المدى القريب نتيجة السياسات الاقتصادية الخاطئة التي اتبعها مصرف سورية المركزي خلال السنوات الماضية وافقدته السيطرة على تثبيت سعر الليرة التي تأثرت أيضاً بالأوضاع الاقتصادية في الدول المحيطة بسورية.

عوامل داخلية وخارجية

ويرى المحلل الاقتصادي يحيى السيد عمر، أن تراجع قيمة صرف الليرة السورية يعود لعدة أسباب اقتصادية وعوامل داخلية وسياسية، ومنها:

أسباب الداخلية

  1. قرار مصرف سورية المركزي في 19 أيلول / سبتمبر 2022، خفض سعر الصرف الرسمي إلى 3015 ليرة لكل دولار بدلاً من 2814 ليرة سابقاً، بتراجع 7 في المئة من قيمتها، الأمر الذي حفز السوق الموازية (السوق السوداء) على الارتفاع ومساهمتها في زيادة عرض الليرة السورية في السوق أمام الدولار.
  2. السياسة التوسعية في عمليات الإقراض، ولا سيما بعد صدور تعليمات جديدة تتيح لكل موظف حكومي الحصول على قرض بقيمة 5 ملايين ليرة سورية (قرابة ألف دولار)، بشروط ميسرة، وبالتالي المزيد من إغراق السوق المشبع أساساً، وزيادة الضغط على الليرة في ظل تراجع عرض الدولار.
  3. حرمان حكومة دمشق من الاستفادة من الصادرات النفطية الخارجة عن سيطرتها، والتي كانت تشكل 35% من عائدات التصدير في البلاد.
  4. تفاقم أزمة طاقة (كهرباء ووقود) ضغطت على الليرة السورية من خلال ارتفاع تكاليف الإنتاج، وبالتالي تراجع قدرة المنتج السوري على المنافسة السعرية وتراجع القدرة على التصدير، الأمر الذي أدى إلى يعني تراجع إضافي في عرض الدولار في السوق السورية.

أسباب خارجية

  1. العقوبات الاقتصادية الأميركية والأوروبية المفروضة على النظام السوري، والتي حرمته من التجارة الدولية وتوفير النقد الأجنبي.
  2. فرض الأردن بعض القيود على عبور الشاحنات السورية إلى دول الخليج، وامتناع المملكة عن استيراد الخضار والفواكه من سورية، بسبب انتشار مرض الكوليرا، فضلاً عن الإجراءات الصارمة الحدودية منعاً لتهريب المواد المخدرة إلى اراضي المملكة، والتي استخدمت في تهريبها الشحنات المحملة بالمواذ الغذائية، الأمر الذي تسبب في تراجع حاد في دخل حكومة دمشق من دولارات الصادرات.
  3. يرى الخبير الاقتصادي سمير الطويل في تصريح لموقع “عربي 21″، أن من أهم أسباب اانهيار الليرة السورية مؤخراً، أزمة المصارف اللبنانية التي تعتبر الرئة الاقتصادية للنظام السوري، والتي تؤمن بعض واردات المستوردات إلى سورية.

حلول مقترحة

في سياق البحث عن حلول للأزمة، يرى الخبير الاقتصادي عبد الكريم البكري في تصريح لموقع “التقرير العربي”، أن طريقة معالجة انهيار قيمة العملة يمكن أن تتم عبر خطوات سريعة، وحلول بعيدة المدى، وتتمثل في:

خطوات سريعة

  1. اعتراف مصرف سورية المركزي بانهيار القوة الشرائية لليرة السورية، والكف عن تثبيب السعر الرسمي عند 3015 لليرة مقابل الدولار، في حين أن السعر في السوق الموازي يتجاوز 7000، وبذلك يمكن لجزء من السوريين الذين يتعاملون مع المصرف المركزي الاستفادة من صرف الدولار وفق تسعيرته الحقيقية.
  2. رفع سعر الفائدة على القروض الممنوحة لسحب كمية كبيرة من العملة المحلية ووضعها في مصرف سورية المركزي.
  3. سحب جميع الفئات النقدية التي تمت طباعتها مؤخراً من فئات الألفين والخمسة آلاف، وتعويم قيمة الليرة لتصبح عند سعرها الحقيقي مقابل الدولار.
  4. إبطال قانون تجريم التعامل في الدولار الأميركي وسياسة الاقتصاد المغلق التي تتبعها حكومة دمشق، والسماح لشركات الصرافة بصرف الحوالات الخارجية القادمة للسوريين بالدولار الأميركي عوضاً عن الليرة السورية، الأمير الذي يشجع شركات الصرافة والشركات التجارية والصناعية السورية إيداع أموالهم من القطع الأجنبي في المصرف المركزي، عوضاً عن وضعها في البنوك الخارجية.
  5. دعم إنتاج السلع والخدمات الصناعية والتجارية المحلية، وخصوصاً الإنتاج الزراعي والغذائي الذي يؤمن الحد الأدنى من المعيشة للسوريين”.

حلول بعيدة المدى

  1. قبول حكومة دمشق الحلول السياسية التي تنهي الأزمة، والعمل فعلياً عليها، وفق القرارات الدولية ذات الصلة، مقابل رفع العقوبات الدولية على سورية وانفتاحها على سوق التجارة الدولية مجددا.
  2. استعادة سيطرة الحكومة المركزية على حقول النفط التي تسيطر عليها قوات التحالف الدولي وقوات سورية الديمقراطية (أحد أطراف النزاع السوري)، وبالتالي توفير 40% من حاجة البلاد النفطية وتدوير عجلة الصناعة السورية التي كانت توفر 18% من عائدات النقد الأجنبي، في مقابل تأمين عودة 38% من واردات النقد الأجنبي لمصرف سورية المركزي، وهذا السيناريو يأثر إيجاباً على دعم الليرة السورية أمام الدولار.
  3. الشروع في تنفيذ ملف إعادة الأعمار، والذي يسمح بدخول الشركات الاستثمارية والقروض الدولية إلى سورية، وينعكس إيجاباً على دعم الليرة السورية وتوفر النقد الأجنبي.
التقرير العربي الشعار

زين يوسف

ديسمبر 29, 2022In تقدير موقف