اللاجئون السوريون في لبنان قنبلة موقوتة بانتظار الانفجار

تفاقم ملف اللاجئين السوريين في لبنان خلال الأسابيع الاخيرة، في ظل تزايد عددهم وحصول عمليات تهريب لآلاف اللاجئين عبر الحدود البرية والخوف الكبير من عدم وجود حلول دولية تسمح بعودتهم الى سورية مما قد يحوّلهم الى أخطر قنبلة موقوتة في لبنان في المستقبل القريب، ويجعل قضيتهم تهديداً وجودياً وكيانياً على لبنان، وفق توصيف قائد الجيش اللبناني العماد جوزيف عون خلال لقاء رسمي في القصر الحكومي دعا اليه رئيس الحكومة نجيب ميقاتي وحضره عدد كبير من المسؤولين اللبنانيين.

فما هي اسباب تفاقم قضية اللاجئين السوريين في هذه المرحلة؟ وهل حقا سيشكّلون القنبلة الموقوتة في لبنان مستقبلاً؟ وما هي المعالجات المطروحة لهذا الملف الخطير؟

أسباب تفاقم القضية

على الرغم من أن قضية اللاجئين السوريين شكّلت خلال السنوات الأخيرة أحد أهم الملفات في لبنان نظراً لانعكاساتها الخطيرة على الأوضاع الأمنية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية، فإن هذا الملف زاد خطورة في الفترة الأخيرة بسبب تزايد عدد اللاجئين الهاربين من سورية وخصوصاً من خلال عمليات التهريب غير الشرعية، بحيث أحصى الجيش اللبناني دخول آلاف اللاجئين خلال الأشهر الأخيرة، ومعظم هؤلاء من الشباب، وعدد منهم كانوا ينتمون الى مجموعات مسلحة. وعلى الرغم من أنه لا توجد إحصائيات رسمية عن العدد الإجمالي لجميع لاجئين، فإن بعض التقديرات تشير إلى أن عددهم هو ما بين مليون ونصف إلى مليوني لاجئ، أي ما يعادل ثلث السكان في لبنان، وقد يصل عددهم إلى نصف السكان، نظراً إلى زيادة نسبة الولادات والزواج بين اللاجئين الذين نصفهم من جيل الشباب أو الأطفال، وهم ممن ولدوا في لبنان وسيكون من الصعوبة عودتهم الى سورية. كما أنه يوجد خوف كبير من زيادة أعداد اللاجئين في ظل تزايد الأزمة الاقتصادية في سورية واستمرار الصراع العسكري والأمني وعدم وجود حلول سياسية ورفض الجهات الدولية العمل لاعادتهم الى بلدهم، على الرغم من أنهم يشكّلون عبئاً كبيراً على الواقع اللبناني في جوانبه كافة.

اللاجئون قنبلة موقوتة

هل اللاجئون السوريون بمثابة قنبلة موقوتة؟ هذا السؤال يُطرح كثيراً في الاوساط السياسية والإعلامية والأمنية، وحتى لدى الباحثين الاقتصاديين والمتخصصين في الشأن الديمغرافي، إذ إن تزايد عدد اللاجئين وكون الشباب هم الجزء الاكبر منهم، يجعل منهم قوة بشرية غير تقليدية: فأمنياً القسم الأكبر من الشباب السوري تدرب على السلاح سواء داخل الجيش السوري النظامي أو لدى مجموعات متشددة الأمر الذي قد يخلق في أي لحظة مشاكل أمنية؛ ديمغرافياً فإن نسبة الزواج والخصوبة لدى السوريين عالية جداً في ظل تراجع نسبة الزواج والخصوبة لدى اللبنانيية، عوامت تجعل عدد اللاجئين يزداد وعدد اللبنانيين يتراجع، وهذا سيؤثر على التوزيع الديمغرافي في لبنان، مع احتمال بقاء اللاجئين طويلاً في ظل غياب أي حل سياسي في الأفق القريب للأزمة السورية، ووجود قرار دولي بدمج السوريين في المجتمعات التي يقيمون فيها من خلال إدخالهم المدارس وتأمين فرص عمل لهم وتأمين المساعدات.

المعالجات المطروحة

خلال الأسابيع الأخيرة تم اقتراح حلول كثيرة لمعالجة هذا الملف، من قبل الجيش اللبناني الذي أعد دراسة مطوّلة، مجلس الوزراء اللبناني الذي شكل عدة لجان لمتابعة الملف، ومن الأفكار التي طرحت: ضبط الحدود ومنع تهريب اللاجئين؛ الحوار مع الحكومة السورية لترتيب العودة؛ مراقبة عمل المنظمات غير الحكومية المعنية بهم؛ السماح لللاجئين بالهجرة إلى أوروبا؛ إعادة النظر بالقوانين التي تضبط حركتهم وفرض قوانين جديدة.

إما الحلول أو الانفجار

لكن على الرغم من أهمية جميع هذه الحلول، فأنها لم تمنع تفاقم الأزمة والخوف الكبير من أن تزداد حدتها في الأيام المقبلة، وهذا سيضع لبنان والمجتمع الدولي أمام تحديات كبيرة، وفي حال لم يتم التوصل إلى حلول جذرية تعيد السوريين إلى بلدهم بدعم عربي وأقليمي ودولي، أو تامين الإمكانيات الكبيرة لدعم لبنان لضبط الحدود ومعالجة المشاكل الناجمة عن وجودهم في لبنان، فإن خيار فتح باب الهجرة غير الشرعية أمامهم نحو البحر المتوسط وأوروبا سيكون الخيار الواقعي، وإلا فإن انفجاراً أمنياً كبيراً محتمل جداً أن يحدث في لبنان وسيكون اللاجئون السوريون وقوداً لهذا الانفجار الخطير، فاللجئون السوريون يتحولون إلى قنبلة موقوتة في لبنان لا أحد يعلم متى تنفجر، مع التذكير مجدداً بأن الشبان السوريين مدربون عسكرياً، وسط انتشار الاسلحة في صفوف بعض تجمعات اللاجئين وزيادة نسبة الجرائم التي يرتكبونها وعدم توفر الامكانيات المناسبة لدى الدولة اللبنانية لرعايتهم والاهتمام بهم.