العراق لؤلؤة لامعة في طريق الحرير
تمتد العلاقات العراقية الصينية لقرون بعيدة وحقب متنوعة التوجهات في أنظمة الحكم، فمن الف عام كانت بلاد الرافدين على موعد مع شواهد وقصص وحكايات زخرت بها أوراق التاريخ لتكون شاهداً على قصة حضارتين منحتا الإنسانية إسهامات لا تزال خالدة.
علاقات تاريخية
تعود العلاقات بين البلدين الى القرن الثامن الميلادي، وبحسب بعض المصادر التاريخية الصينية الرسمية، فإن الصينيين عرفوا المنطقة العربية منذ القدم في عصر أسرة هان، وأطلقوا على منطقة بلاد الرافدين (العراق) اسم “تياوجه”، أي “بلاد النهرين”. وقد توطدت العلاقات بين العراق والصين في مطلع فترة الدولة العباسية، التي اتخذت من بغداد عاصمة لها، وخصوصاً حقبتي أبو جعفر المنصور وهارون الرشيد، والتي بلغت فيها العلاقات الثنائية ذروتها تجارياً وسياسياً واجتماعياً.
واستنادا إلى سجلات التاريخ فإن إمبراطور الصين لي هنغ، ثامن أباطرة أسرة تانغ، طلب في سنة 756 ميلادية من الخليفة العباسي أبو جعفر المنصور، دعماً عسكرياً لإخماد فتنة محلية، وقد لبى المنصور الطلب وأرسل له المئات من القادة والمقاتلين مع عائلاتهم، وبعد أن تم إخماد تلك الفتنة، استقر الكثير من المقاتلين في الصين، وتزوجوا وتكاثروا وأرسوا أساساً اجتماعياً جديداً في الصين.
وعندما حدثت ثورة في سنة 1958 في العراق، أرسلت الحكومة الصينية رسالة دعم واعتراف بهذه الثورة، وتعززت العلاقات عبر إقامتها رسمياً في 25 آب/ أغسطس 1958، واستمرت العلاقات على وتيرة متصاعدة في مختلف العهود الجمهورية وتطورت في حقبة حزب البعث، ولاسيما عهدي الرئيسين الراحلين أحمد حسن البكر وصدام حسين.
ومابين غزو العراق للكويت في سنة 1990 وغزو الولايات المتحدة للعراق، امتنعت الصين عن التصويت على كثير من القرارات التي حاولت الولايات المتحدة فرضها في مجلس الأمن، وقد تأثرت علاقات بكين مع بغداد بالحصار الخانق المفروض أميركياً على العراق، إذ تعرقل تنفيذ العديد من الاتفاقيات، ومن بينها اتفاقية حقل الاحدب النفطي، وفاقم الغزو الأميركي وما جره من تداعيات سلبية على واقع العراق، من ضعف علاقات الصين والعراق، وخصوصاً أن الصين وقفت ضد الغزو الأميركي.
اعتباراً من حزيران/ يونيو 2007 بدأت الحرارة تعود إلى العلاقة بين بغداد وبكين، حيث زار الرئيس العراقي الراحل جلال الطالباني الصين ووقع خلال زيارته 4 اتفاقيات، من بينها إلغاء نحو 80% من ديون العراق المستحق للصين والبالغة أكثر من 8 مليارات دولار، ثم دعا كل من رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي ولاحقاً رئيس الوزراء الأسبق حيدر العبادي في سنة 2015 إلى تعزيز التعاون الأمني والسياسي والاقتصادي مع الصين.
وفي سنة 2019 أعلن رئيس الوزراء العراقي الاسبق عادل عبد المهدي بأن العراق سينضم إلى مبادرة الحزام والطريق قريباً، وذلك بعد لقائه مع الرئيس الصيني شي جين بينغ الذي أكد أن الصين تسعى لإرساء نقطة انطلاق جديدة لدعم الشراكة الاستراتيجية بين الصين والعراق والتعاون في مختلف المجالات، وتم توقيع 8 اتفاقيات أُطلق عليها اسم اتفاقيات “النفط مقابل البناء”، وشملت مجالات عدة وفي ولاية رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي سنة 2020 الذي أكد أن العلاقات الصينية العراقية ستتطور وسيتم إنشاء ميناء الفاو الذي سيكون من أهم الموانئ الإستراتيجية ضمن طريق الحرير، على الرغم من سعي الولايات المتحدة التي تحاول منافسة الصين، لتضييق الخناق على مشروع طريق الحرير، عبر الضغط الاقتصادي وباستخدام الوجود العسكري والاستشاري في العراق.
العراق في قلب “الطريق”
يتمتع العراق بأهمية استراتيجية بالنسبة للصين، فهو مصدر نفطي مهم للصين، إذ تقدر صادراته من النفط الخام إلى بكين بنسبة 44% من إجمالي صادراته من هذه المادة، ولكن الطاقة ليست هي جوهر العلاقة التي تبتغيها الصين، بل إن أهمية العراق تكمن في موقعه الجغرافي الذي يمثل جسراُ رابطاً بين قارتي آسيا وأوروبا ومنطقة الخليج العربي وبلاد الشام، فضلاً عن مجاورته ثلاثة أطراف في المبادرة الصينية: إيران وتركيا والسعودية. ويتضح من خلال شبكة طرق التجارة، أن موقع العراق الجغرافي يعد المركز الرئيسي في طريق الحرير، فمن خلال مشروعه الطموح لشق طريق دولي نحو تركيا، سيتم نقل المواد النفطية والغاز والمواد الأولية والبضائع الثقيلة، بتكلفة تقل بنسبة 70% من تكلفة الربط التجاري بين آسيا وأفريقيا وأوروبا. فهذا الطريق سوف يُربط بالطريق التجاري الذي ينطلق من الصين باتجاه أوزبكستان وطاجيكستان وإيران، فالعراق وتركيا وصولاً إلى أوروبا، وبالعكس، ليكون العراق المركز الاستراتيجي لطريق الحرير في الشرق الاوسط.
وتعد مبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري للقرن 21 مشروعاً اقتصادياً واستراتيجياً عالمياً ضخماً يشمل العديد من دول العالم بجزأيه البحري (الحزام)، والبري (الطريق). وتقوم المبادرة على تحديث فكرة طريق الحرير القديم الذي كان ممتداً من الصين إلى أوروبا مروراً بآسيا والشرق الأوسط ضمن سلسلة طرق تصل إلى 12 ألف كيلومتراً عن طريق تغيير خريطة العالم بشق طريقين أحدهما بري يمتد من الصين إلى آسيا الوسطى حتى البحر المتوسط وأوروبا، والآخر خطوط بحرية تمر بمجمعات تجارية وصناعية ومناطق حرة.
وطريق الحرير الجديد هو مشروع أطلقته الصين سنة 2013 ويتكون من شبكة من الموانئ والطرق وسكك الحديد التي ستربط أكثر من 70 بلداً حول العالم، وفق رؤية مشتركة في الاستراتيجيات التنموية والبنى التحتية بين الدول الواقعة على طول خطه البري والبحري، بهدف توثيق الروابط بين تلك الدول الآسيوية والأوربية والإفريقية، بما يحقِّق المنفعة للجميع، لتثبت الصين – بحسب رؤيتها – أنها شريك عالمي في التنمية والنهضة المشتركة، وفاعل أساس في دفع عملية التنمية الصناعية ورفع الطاقات الإنتاجية، فضلاً عن التواصل الثقافي والحضاري، وتبادل الخبرات بين الشعوب، والتي يكرِّسها المشروع. وتراهن الصين وشركاؤها على أن خطة التنمية العالمية ستكون غير مسبوقة، وبرنامجاً فعلياً لتحقيق السلام العالمي.
رؤية صينية للتعاون مع العراق
يربط السفير الصيني في العراق سوي وي، صلة بين العراق وطريق الحرير بالعودة الى الماضي السحيق، ويقول لموقع “مركز البيان للدراسات والتخطيط “: “شقَّ أجدادنا – قبل أكثر من 2000 عام – طريق الحرير القديم للتواصل الودِّي مع دول العالم، وفتح بذلك عصر التواصل الكبير في تاريخ الحضارات البشرية. أمَّا العراق فهو لؤلؤة لامعة في طريق الحرير الذي ترك للصين والعراق ذكريات طيبة، إذ كانت البضائع الصينية – في العصر العباسي – تدخل إلى العراق عبر ميناء البصرة، وتمر بنهر دجلة لتصل بغداد.”
ويضيف: “على هذا الطريق، وصلت الاختراعات الصينية، وهي تقنيات: صناعة الورق، والطباعة، ، والبارود، والبوصلة، إلى جانب المنسوجات الحريرية والخزف، والشاي إلى العالم العربي، وعن طريق العالم العربي إلى أوروبا. في المقابل، دخل علم الفلك والتقويم والأدوية والبهارات والفنون من المنطقة العربية لى الصين عبر طريق الحرير.”
ويتابع السفير الصيني في بغداد: “كان أجدادنا ينقلون البضائع والأفكار والثقافات عبر قوافل سلام، وليس من خلال الأحصنة الحربية والرماح؛ كانوا يعتمدون على والصداقة وليس على الأساطيل الحربية والمدافع. وقد أنشأت الحضارتان الصينية والعراقية معاً روح طريق الحرير بمفاهيم السلام، والتعاون، والانفتاح، والتسامح، والاستفادة المتبادلة، والمنفعة المتبادلة، والكسب المشترك.”
ويلفت السفير إلى أنه: “اليوم، يمر العالم بتغيرات غير مسبوقة لم يشهدها منذ 100 عام، ويواجه المجتمع البشري تحديات متعددة، وأصبح السلام والتنمية والتعاون الشغل الشاغل والرغبة الشديدة لكل دول العالم. لقد لاحظ الرئيس الصيني شي جين بينغ هذا الاتجاه التاريخي، فعرض في سنة 2013 مبادرة الحزام الاقتصادي لطريق الحرير وطريق الحرير البحري في القرن 21، أي: مبادرة الحزام والطريق.”
ويختم السفير الصيني بتوضيح رؤية بلاده بشأن مبادرة الحزام والطريق وأهدافها، والتي تتضمن “التزام مبادرة الحزام والطريق بمبدأ التشاور، والتعاون، والكسب للجميع. والتشاور هنا يعني التواصل على أساس احترام الاختلافات بين الدول في مستوى التنمية والهيكل الاقتصادي والنظام القانوني والتقاليد الثقافية. كما يعني المشاركة معاً، والملاءَمة بين الإستراتيجيات التنموية للدول والأقاليم المعنية بصورة معمَّقة، وتشجيع مزيد من الدول والشركات على المشاركة في المبادرة عن طريق التعاون الثنائي ومتعدِّد الأطراف والتعاون في أسواق الطرف الثالث. ويعني الكسب للجميع هنا هو تحقق كل الأطراف أكبر مصلحة عن طريق التعاون.
تبادلات واتفاقات تعاون
ويؤكد السفير الصيني أن الصين والعراق صديقان حميمان، وقد شهدت السنوات الاخيرة اتساع التبادلات الاقتصادية والتجارية بين البلدين، وإنجازات مثمرة في بناء الحزام، منها:
– توقيع البلدين في سنة 2015 وثائق التعاون بشأن بناء الحزام والطريق وإقامة علاقات الشراكه الاستراتيجية بينهما.
– في 2019 تم توقيع الاتفاقية الإطارية ووافق مجلس إدارة البنك الآسيوي للاستثمار في البنية التحتية في شهر ديسمبر 2021 على طلب العراق بالإنضمام إلى البنك، مؤكداً أن الجانب الصيني سيواصل في المرحلة المقبلة دعمه لإعادة الإعمار في العراق ودعم جهود الحكومة في تحسين الخدمات العامة وتحقيق التنوع الاقتصادي وتحسين رفاهية الشعب والحرص على الاستمرار في تعميق التعاون مع الجانب العراقي في مجالات النفط والغاز والبنية التحتية والصحة، وبحث إمكانية التعاون في مجال الطاقة النظيفة ومكافحة التصحر، كما أن الجانب الصيني على استعداد للمشاركة لمشاركة الخبرات التنموية مع الجانب العراقي وتعزيز تبادل الخبرات حول الحكم والإدارة للبلد، ودعمه في مجال التقنيات وتدريب الموارد البشرية واستمرار تقديم الزمالة الدراسية وتشجيع الشركات الصينية على مساعدة العراق في تدريب الفنيين والإداريين.
التعاون في مجال الطاقة
كثيراً ما يعبر الرئيس الصيني شي جين بينغ عن رغبته بتنمية علاقات بلاده مع العراق، ويرى في العراق شريكاً استراتيجياً وأساسياً في الشرق الأوسط، وقد عبّر مراراً عن تطلع بلاده للاستثمار في العراق، بهدف تطوير وتنشيط الصناعات المحلية، وتطوير حقول النفط الجديدة، وبناء المدن الحديثة والموانئ والسكك الحديدية والسدود، وإنشاء شبكة اتصالات من الجيل الخامس.
وبرزت الصين كشريك تجاري أول للعراق الذي يُعد ثالث أكبر مصدر للنفط لها بعد السعودية وروسيا، وقد سعت الصين لتوسيع وجودها في العراق، ووجدت في بغداد، شريكاً في أمَس الحاجة للتعاون الصين في إعادة البناء والتعافي.
ويحظى العراق بأهمية بالغة للصين، منذ إعلان قمة التعاون الصيني العربي في سنة 2004، والتي دعت فيها الصين إلى تعزيز العلاقات مع الشرق الأوسط، ومنحت العراق خطوط ائتمان منخفضة الفائدة، واستثمارات ضخمة في البنية التحتية المحلية، وفي بعض الحالات قروضاً بمليارات الدولارات، جرى تسديد قرابة 80% منها حتى 2010، وكانت شركة البترول الوطنية الصينية NOC رائدة في الاستثمار في شركات الطاقة المحلية في الشرق الأوسط، وفي العراق تمتلك هذه الشركات الصينية حصصاً كبيرة في حقول الأحدب، وحلفاية والرميلة.
وفي سنة 2015، رفع البلدان مستوى علاقتهما إلى شراكة استراتيجية. وتخطت التجارة الثنائية بين العراق والصين 30 مليار دولار في سنة 2018، ليحتل العراق مكانة ثالث أكبر مصدر للنفط الصيني المستورد.
ويعتبر التعاون في مجال الطاقة أساس العلاقات الثنائية بين البلدين، وتشارك الشركات الصينية الآن في عمليات المنبع، ومنتصف المجرى، والمصب في العراق، ومع ذلك فإن من المهم ملاحظة أن الاستثمار الصيني في العراق لا يركز فقط على التنقيب عن النفط وإنما على البنية التحتية مثل محطات الطاقة ومحطات الأسمنت ومحطات معالجة المياه أيضاً.
وقد لعبت شركات النفط الوطنية الصينية دوراً رائداً في الائتلافات التجارية التي تدير حقول النفط العراقية الرئيسة، بعدما أبعدت المخاوف الأمنية وهاجس الفساد المحلي شركات النفط الغربية الدولية وباتت مترددة في الاستثمار أو المشاركة في المشاريع في العراق، ولا سيما أن خطة الحكومة المركزية لإعادة الإعمار والانتعاش تعتمد على إنعاش وتوسيع قطاع النفط الذي يعتبر حيوياً للاقتصاد العراقي، إذ يشكل 65% من الناتج المحلي الإجمالي و90% من إيرادات الحكومة المركزية.
وفي الواقع، يعد التعاون في مجال الطاقة حجر الأساس للشراكة الاستراتيجية بين الصين والعراق، والتي بدأت مع شركة النفط الوطنية الصينية CNPC، وهي أكبر شركة نفط وغاز مملوكة للدولة في الصين، والتي وقعت في سنة 1997 اتفاقية تقاسم الإنتاج PSC مع النظام العراقي السابق لتطوير حقل نفط الأحدب، وهو المشروع الذي تم تأجيله نتيجة لعقوبات الأمم المتحدة ضد العراق والغزو الذي تعرض له البلد فيما بعد بقيادة الولايات المتحدة.
وکانت شركة هندسة وإنشاءات البترول الصينية CPECC، وهي شركة تابعة لمؤسسة البترول الوطنية الصينية CNPC، أول شركة نفط صينية بدأت فی العمل في العراق في سنة 1981 وبعد أكثر من عقد بقليل، أصبح العراق وجهة خروج\ مهمة لشركة البترول الوطنية الصينية NOC.
البناء والتنمية والصحة
تراجع التبادل التجاري بين الصين والعراق خلال سنتي 2003 و2007، وانسحبت الشركات الصينية من عملية إعادة إعمار العراق بعد الحرب، بسبب احتكار الولايات المتحدة والشركات الغربية الأخرى المشاريع، وارتفاع منسوب أعمال العنف وسطوة المليشيات، لكن بكين عادت بقوة عندما انضمت الصين إلى معاهدة دولية مع العراق في محاولة لاستئناف علاقاتها الاقتصادية مع العراق، وتعهدت بتقديم ما بين 5 و6 ملايين دولار لقطاعي الصحة العامة والتعليم، وتنازلت عن 80% من ديونها المستحقة على العراق. وفي نهاية سنة 2013 تفوقت الصين على الولايات المتحدة كأكبر مستثمر أجنبي في العراق وتجاوزت الولايات المتحدة كأهم شريك تجاري للعراق.
وعندما تفشت جائحة كورونا في العراق كانت الصين سبّاقة في منح كمية كبيرة من المستلزمات الطبية والمعدات للعراق كمساعدة وإرسال فريق خبراء مكافحة الجائحة إليه، وسباقة في مساعدته باللقاح حيث بلغ 1,75 مليون جرعة.
وفي مجال البناء تتولى شركتان صينيتان حاليا بناء 1000 مدرسة في عموم العراق في إطار الاتفاقية العراقية – الصينية، وكمرحلة أولى من بين 7000 مدرسة بناء على ما تم التخطيط له.
وتتضمن الاتفاقية مبادلة عائدات النفط بتنفيذ المشاريع في العراق وتمتد الاتفاقية إلى 20 عاماً، وتركز على مشاريع البنى التحتية، مثل المدارس والمستشفيات والطرق والكهرباء والصرف الصحي، والتي تُحدد من خلال وزارة التخطيط، بالتنسيق مع مجلس الوزراء.
ووفق التوصيات التي أعلنها مجلس الوزراء العراقي، يحال تنفيذ المدارس إلى الشركات الصينية ومنحها سلفة تشغيلية لا تزيد على 10 في المئة لقاء خطاب ضمان من مصرف معتمد، فيما حدد مجلس الوزراء أن يكون الإشراف والارتباط للإدارة التنفيذية بالأمانة العامة لمجلس الوزراء.
تبادل تجاري
احتل العراق المركز الثالث من بين الدول الاكثر تبادلاً تجارياً مع الصين في الربع الاول من سنة 2023، إذ استورد منها ما قيمته 3,4 مليار دولار أميركي.
وبلغت قيمة الصادرات الكلية من العراق إلى الصين في الربع الأول من سنة 2023 9 مليارات دولار، جميعها منتجات نفطية، اما قيمة استيرادات العراق من الصين فكانت 3,4 مليار دولار أميركي بنسبة نمو سنوية بلغت 23,44% مقارنة مع الربع الاول من 2022. ومن المتوقع أن يصل حجم التبادل التجاري بين العراق والصين نهاية 2023 إلى أكثر من 50 مليار دولار أميركي.
وبحسب سفارة الصين لدى العراق، فأن حجم التبادل التجاري بين البلدين تجاوز 53 مليار دولار أميركي في سنة \ 2022 بزيادة قدرها 43,1% على أساس سنوي.
وكان السفير الصيني لدى بغداد تسوي وي قد صرح في شهر تشرين الأول/ أكتوبر 2022 في مؤتمر صحفي بأن “العراق يعد أكبر دولة من حيث العقود وثاني شريك للصين من حيث النفط الخام وحجم التبادل التجاري”.
وفي مطلع 2023 أعلن البنك المركزي العراقي عن عدة قرارات للمحافظة على استقرار الوضع النقدي والاقتصادي العام ومواجهة مخاطر تذبذب سعر صرف الدينار العراقي مقابل الدولار، من بينها تعزيز أرصدة المصارف العراقية، التي لديها حسابات مع مصارف صينية، باليوان الصيني.
وسيسهم التعامل باليوان مباشرة، من دون وساطة الدولار، في تسهيل وتسريع المعاملات المالية، وسيقلل تكاليف الاستيراد ويحمي من مخاطر تذبذب أسعار الصرف داخل العراق.
العلاقات الثقافية
على الرغم من التاريخ العميق من العلاقات بين الحضارات في كل من العراق والصين، إلا أن الجانب الثقافي لا يزال دون مستوى الطموح، فالاهتمام يتركز على جانبي الاقتصاد والطاقة، وبالتالي فإن الطلوب زيادة التبادل الثقافي بين الشعبين الصديقين، من خلال المهرجانات وافتتاح معاهد تعليم اللغة الصينية كمعهد كونفوشيوس لتعزيز الاندماج الثقافي، والاطلاع على الثقافة الصينية في العراق، والعراقية في الصين.
ومع ان بغداد شهدت العام الماضي افتتاح أول منتدى للثقافة الصينية في العراق من أجل الإسهام في تبادل الثقافات بين البلدين الصديقين، إلا أن فاعلية المنتدى لا تزال دون المستوى المطلوب.
الخلاصة
ان مستقبل العلاقات العراقية – الصينية مرتبط ارتباطاً وثيقاً بمصالح العراق، بغض النظر عن شكل النظام الحاكم أو أيدولوجيته، فالعلاقات بين البلدين ضاربة في القدم، ومع أنها تتركز حتى الآن على مجال النفط والطاقة، إلا ان المستقبل مفتوح على تعاون في مجالات أوسع، مع أن ذلك التعاون مرهـون بعوامل تتعلق بدور صانع القرار السياسي ودور قوى دولية فاعلة أخرى فــي نسيج علاقات العـراق الدولية.
وهنـاك آفاق رحبة تنتظر مسـتقبل العلاقات العراقية – الصـينية مـن الممكـن تعزيزهـا بمـا يخـدم مصالح الدولتين وبما يحقق الأمن والاستقرار الإقليمي والعالمي، وخصوصاً أن العراق سيحصل على آثار إيجابية من انضمامه إلى مبادرة الحزام والطريق (طريق الحرير) التي ستعيد له دوره المحوري في التبادلات التجارية والاقتصادية، وتعزز العلاقات التي تربط العراق مع الدول التي تقع على طريق المبادرة الصينية، ومن الممكن أن يكون العراق البلد الأهم، بل الأكثر أهمية في المبادرة الصينية.
يبقى الإشارة إلى أن التعاون العسكري والأمني مفقود تماماً حتى اليوم، ذلك بأن تسليح العراق هو غربي، وأميركي خصوصاً.