الحوثيون في بغداد تكريساً لوحدة الساحات

باتت وحدة الساحات وفق رؤية محور المقاومة، أو المحور الإيراني، تتجسد واقعاً في العراق، بل تتبلور عبر مسارات عدة فرضتها حالة الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة من خلال تقاطر العديد من الجهات المسلحة إلى الساحة العراقية وآخرهم الحوثيين اليمنيون.

أبو إدريس الشرفي في بغداد

وبات الوجود الحوثي رسمياً في بغداد من خلال وجود ممثل لهم في بغداد كجزء من سياق التنسيق بين ساحات حلفاء طهران، ونوع من إظهار التعاون في مواجهة خصوم إيران ومنافسيها الإقليميين، ولاسيما بعد الحرب الإسرائيلية على غزة وإطلاق المواقف التي تتيح التمترس خلفها تحت عناوين المقاومة.

وعلى حين غرة ظهر القيادي الحوثي أبو إدريس الشرفي ممثل الحوثيين في بغداد وهو يجري زيارات ولقاءات رسمية للمسؤولين الحكوميين العراقيين في بغداد، بل تعداها الى توثيق علاقات جماعته بفصائل شيعية مسلحة، فضلاً عن نشاطه الإعلامي والاجتماعي ولقاءاته باستمرار بشيوخ وأفراد العشائر العراقية في الجنوب ذي الاغلبية الشيعية، كما بدأ أيضاً بحركة نشطة شمالاً عبر اللقاءات مع المسؤولين الأكراد وسط رغبة بفتح ممثلية لـ “أنصار الله ” في السليمانية، إحدى أهم المدن في إقليم كردستان العراق.

ولم يكن الاعلان عن افتتاح مقر للحوثيين في بغداد لغايات دعائية، بل هو رسالة حقيقية عن مدى رغبة المحور الإيراني لجعل العراق ساحة متقدمة لتصفية الحسابات الإقليمية رغماً عن معظم ساسته اللذين يدركون أهمية النأي بالنفس عن الدخول في صراعات إقليمية، مع تأكيد الدعم الرسمي والشعبي العراقي لمواجهة العدوان الذي تشنه إسرائيل على الفلسطينيين في غزة.

تسهيلات للحوثيين

ويعد وجود الحوثيين داخل الأراضي العراقية لافتاً في هذه المرحلة، فالتسهيلات التي منحت لهذه الجماعة تظهر حضورها بما يتماهى والمشروع الذي تنفذه طهران ويجسد الاقتراب الجغرافي لمليشيا الحوثي المدربة من قبل الحرس الثوري بما يجعله دليلاً على قوة العلاقة التي تجمع الطرفين في سياق توغل إيران وسياستها الهادفة إى تطويق المنطقة عبر أذرعها، من خلال دمج جبهتين تابعتين للمحور لتطويق منطقة الخليج العربي.

والعلاقات بين الفصائل العراقية والحوثيين ليست حديثة بل تمتد لأعوام، وخصوصاً بعد استيلاء الحوثيين على صنعاء واشتداد الصراع المسلح في سورية ودخول الفصائل اليها بتوجيه إيراني، ومنهم الحوثيون اللذين خضعوا لتدريبات عسكرية خاصة في جنوب لبنان ونقلوا خبرات وتجارب أثناء تواجدهم في سورية، أو بعد عودتهم إلى اليمن.

ويتزامن التمثيل الحوثي أمنياً وعسكرياً وسياسياً عبر وجود بعثة لحكومة صنعاء في بغداد، مع وجود سفارة يمنية تمثل دبلوماسياً الحكومة الشرعية، وهو ما يجعل بغداد في موقف قد يتيح لها لعب دور الوساطة في حلحلة بعض القضايا الإقليمية.

المحور الإيراني يستعد للمواجهة

وتعقد قيادات حوثية بين حين وآخر سلسلة لقاءات مع قيادات في الحشد الشعبي والحرس الثوري الإيراني داخل العراق لتعزيز التعاون العسكري والتدريب على استخدام الصواريخ والطائرات المسيرة استعداداً لأي مواجهة شاملة قد تحدث في المنطقة مع إسرائيل المدعومة من الولايات المتحدة.

ويقول العميد عزيز راشد، الضابط بدائرة التوجيه المعنوي التي تتبع لوزارة الدفاع في صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثي، في لقاء تلفزيوني أن “أميركا لن تدخل بشكل مباشر في أي حرب في المنطقة، لأن إيران والعراق ولبنان يمثلون قوة رهيبة”، مشيراً إلى أن “العلاقات الدولية ستكون غير طبيعية، وسيتأثر الغرب أكثر من الشرق وستتضرر المواقع الحيوية لدول المنطقة وأي دولة ستشارك في الحرب ضدنا سيكون باب المندب تحت السيطرة بالكامل.”

وبحسب ما صرح به القيادي الحوثي فإن “ما فرضه اليمن من واقع امتلاكه صواريخ فرط صوتية ومسرح عمليات واسعا أنهى الخيارات الاستراتيجية الأميركية، ولم يبق لها أي خيار على الإطلاق.”