الحزام السني العشائري في سورية مشروع أميركي لمواجهة إيران

يرى مراقبون للصراع العسكري في سورية، أن الولايات المتحدة الأميركية تسعى بعد سنوات من تدخلها عسكرياً في سورية تسعى حالياً لتشكيل حزام سنّي عشائري في سورية في مواجهة تمدد إيران وقطع شريانها البرّي من طهران إلى بيروت عبر سورية.

بديل "قسد" أم توليداً للمليشيات

يرى الكاتب عبد الكريم اليوسف، أن هذا المشروع يأتي بعد فشل الولايات المتحدة الأميركية من تمرير مشروع قوات سورية الديمقراطية “قسد” على المعارضة السورية، وتصاعد هجمات الميليشيات الإيرانيّة ضدّ القواعد الأميركية في شرق سورية، وانتهاء المعارك مع تنظيم داعش بعد السيطرة على آخر معاقله في “هجين” بريف دير الزور.

من جانبه، يرى الكاتب والباحث صالح الحموي، أن ملامح المشروع الأميركي الجديد القديم (المشروع طُرح عام 2020 أول مرّة) هو تشكيل قوّة عشائرية عربيّة سنيّة من التشكيلات العربيّة المكوّنة مع قسد وإضافة تشكيلات عشائرية جديدة، والقيام بربط وتنسيق عالٍ مع قاعدة التنف ثمّ البدء بعملية عسكريّة تضبط الحدود العراقية – السورية، تنطلق من بادية البوكمال والسيطرة على مدينة البوكمال الحدودية حتى قاعدة التنف.

ويرى الحموي أن أهم الأسباب والدوافع التي تدفع الولايات المتحدة الأميركية إلى تشكيل الحزام السني العشائري تتلخص في:

1 – اكتشاف مخطّط إيراني للهجوم على القواعد الأميركية في سورية بالتنسيق مع حزب الله لإجبار القوّات الأميركية على الانسحاب من سورية، وهذا المخطط كشفته صحيفة ”الواشنطن بوست”.

2 – هجمات الميليشيات الإيرانية بطائرات الدرونز والصواريخ على القواعد الأميركية وأخطرها الهجوم على قاعدة خراب الجير في الحسكة في شهر نيسان/ أبريل الفائت، والذي أدى إلى مقتل متعاقد أميركي.

3 – الهجوم الاخير بطائرات درونز الإيرانية على قاعدة التنف انطلاقاً من الحدود العراقية السورية، وإحداث خسائر ماديّة وإيقاع قتلى وجرحى في صفوف الفصائل السوريّة العاملة في التنف (جيش سورية الحرة).

4 – زيادة التعاون العسكري بين إيران وروسيا في أوكرانيا بالإضافة إلى تشجيع روسيا الميليشيات الإيرانية لزيادة هجماتها ضدّ القوّات الأميركية في قاعدة التنف والقواعد في دير الزور والحسكة.

5 – استنفاذ مشروع “قسد” وعدم قابليته للاستمرار، وخصوصاً في محافظتي دير الزور والرقّة، وتزايد النُقمة العشائرية العربيّة على “قسد” لاضطهادها المكوّن العربي، وهيمنتها على النفط واشتداد المظاهرات العشائرية المتكرّرة ضدّ قسد خاصّة في دير الزور.

ضلوع تركيا في المشروع

ويبدو أن تركية ضالعة في هذا المشروع، فإذا ما نجح قد يُشكّل نواة لتوحيد المنطقة بين نبع السلام ودرع الفرات، ثمّ إدلب لاحقاً، وهكذا تصبح القوّات الخارجة عن سيطرة النظام وإيران تمثّل 50% من خريطة سورية، فضلاً عن ثقل الاقتصاد والثروة والغذاء في هذه المناطق (شمال شرق سورية )، وهذا ما يجبر روسيا على التفاوض والتنازل عن بشار الأسد، وتطبيق قرار 2254 وهذا هو الهدف الغائي للمشروع الأميركي.

الأهداف القريبة

يرى الحموي، أن المشروع الأميركي يحمل أهدافا قريبة وبعيدة ومنها:

1 – قطع الشريان البرّي بين طهران وبيروت عبر السيطرة على الحدود العراقية السورية

2 – ربط قاعدة التنف مع القوّات الحليفة لأميركا التي ستتشكّل من العشائر العربية، وهذا يشكّل عامل ضغط على “قسد” التي ترفض توسيع عملها العسكري ضدّ الميليشيات الإيرانية والنظام بسبب هيمنة جناح موالي لإيران داخل قيادة قسد.

3 – بعد ذلك سيتم توسعة المشروع حتى يشمل خط الطبقة – السخنة الذي يعد أن علمت روسيا بجديّة أميركا في تنفيذ المشروع، طلبت عدم الاقتراب من منطقة تدمر إلى الداخل السوري لأنّها منطقة نفوذ روسية بحتة.

الأهداف البعيدة

الأهداف البعيدة للمشروع الأميركي تتمثّل في، حل مُرضٍ لأطراف الأطراف فاعلة في الصراع، فـ:

1 – تركيا ستستفيد من هذا المشروع من خلال إضعاف نفوذ قسد وإضعاف سيطرتها على منابع النفط عبر بروز القوّة العشائريّة العربيّة.

2 – كذلك ستستفيد تركيا من وصل الطريق التجاري بينها وبين الأردن عبر حزام هذه المنطقة.

2 – إسرائيل تكون حقّقت هدفها بقطع أذرع إيران البريّة.

 

عوائق المشروع

يضيف الكاتب والباحث السوري عبد الكريم اليوسف في حديثه لموقع “التقرير العربي”، أنه وعلى الرغم من جدية المشروع الأميركي وما يحققه من مكاسب للولايات المتحدة والدول المجاورة لسورية، إلا أنه سيواجه بعدة عوائق قد تقف في وجه الشروع في تنفيذه ومنها:

1 – العائق الأول بالنسبة لأميركا هو الخشية من حدوث صدام جوّي مع روسيا، وخصوصاً بعد تكرار الاستفزازات الروسيّة فوق قاعدة التنف، كما صرّح قائد القوات الجوية في القيادة المركزية الأميركية.

2 – العائق الثاني هو قلة عدد المقاتلين. فبعد لقاء الأميركيين مع قائد قوات الصناديد حميدة الجربا، لم يتمكن الأخير من إرسال أكثر 1500 مقاتل من محافظة الحسكة إلى دير الزور، في حين لا يتجاوز عدد قوات لواء ثوار الرقة (أحمد علوش أبو عيسى) أكثر من 1000 مقاتل، أمّا المجلس العسكري في دير الزور والتي تعمل أميركا على إعادة هيكلته وعزل “أحمد الخبيل” وتعيين قائداً جديداً له فقد يصل عدده إلى 1500 مقاتل.

أمّا قوّات التنف فلا يتجاوز عدد المقاتلين فيها من جميع التشكيلات: جيش سورية الحرة، ولواء شهداء القريتين سوى 2500 مقاتل، بعد أن رُفض ضم تجمّع “الشهيد أحمد العبدو” و”أسود الشرقية” حتى الآن واللذين يبلغ عدد مقاتليهما نحو 1000 مقاتل.

3 – فضلاً عمّا سبق، ثمة عوائق لوجستية مازالت قيد البحث عند القيادة العسكرية الأميركية مثل: هل يتم السيطرة على مطار دير الزور العسكري، أم الاكتفاء بمدينة البوكمال والميادين حالياً؟ كون مطار دير الزور العسكري يُشكّل نقطة انطلاق للتجسّس ضدّ إيران في المستقبل وقادر على استقبال طائرات الإمداد الثقيلة الأميركية.

رأيان أميركيان

ويكشف اليوسف أن الموقف الأميركي ليس واحداً إزاء المشروع، فهنالك فريق داخل الإدارة الأميركية يدعم توسعة المشروع حتى يصل إلى منطقة الطبقة والسخنة، ويرى أنّ روسيا ليس لها مصالح حيوية في هذه المنطقة فمصالحها تمتد من تدمر حتى الساحل.

بينما يرى فريق آخر الاكتفاء بالسيطرة على مدينة البوكمال والميادين والحدود العراقية – السورية حالياً حتى يتم تجهيز قوّات إضافيّة، ويروا ردة فعل الروس بعد هذه العملية.