الإدارة الموحدة شمال غرب سورية بضغط تركي

بدأت ملاح تشكيل الإدارة الموحدة شمال غرب سورية، تتبلور مع إعلان الحكومة السورية المؤقتة عن الخطوات التي تم تنفيذها ضمن مناطق نفوذها، بعد سنوات من الخلافات الداخلية بين مكونات الجيش الوطني التابع للحكومة المؤقتة، والتي تصل في كثير من الاحيان للنزاعات المسلحة فيما بينها على حجم النفوذ والتمثيل داخل أروقة الإدارة الموحدة.

ويبدو أن الضغوط التركية صاحبة النفوذ الأكبر على مناطق المعارضة عبر إدخال “هيئة تحرير الشام” العامل في إدلب كلاعب جديد على خط النزاع بين مكونات الجيش الوطني، لإنهاء حالة التشرذم الفصائلي والفلتان الأمني وما تطلبه الحاجة التركية من تأسيس الإدارة الموحدة، قد أتت بثمارها عبر تنازل أطراف النزاع في صفوف الجيش الوطني عن مشاريعهم الخاصة، خوفاً من تمدد “تحرير الشام” على حسابهم بخارطة السيطرة شمال سورية.

حاجة محلية وتركية

وتُعد الإدارة المحلية حاجة محلية سورية وتركية، وذلك للأسباب التالية:

  1. تأسيس الإدارة الموحدة يعد مطلب شعبي ينهي حالة التشرذم الفصائلي والفلتان الأمني التي تعيشه تلك المناطق عبر تشكيل جسم عسكري وإدارة مدنية واحدة تدير مناطق سيطرة المعارضة بعيداً عن المصالح الفصائلية الضيقة وتفرد كل منها بمشروعه الخاص.
  2. يأتي الدفع التركي لتأسيس إدارة موحدة شمال سورية، بداية لترتيب صفوف المعارضة السورية بمختلف مسمياتها، ولإنهاء الحرب في سورية، وفرض حل سياسي عبر قنوات التفاوض.
  3. تغير الموقف التركي تجاه الملف السوري، عبر إطلاق تركيا مؤخراً تصريحات حول إمكانية التصالح بين والنظام السوري والتقارب فيما بينهما، تمهيداً لإشراك المعارضة السورية بشقيها السياسي والعسكري في تلك المفاوضات.
  4. توجيه تركيا رسالة إلى المجتمع الدولي بقدرتها على ضبط المعارضة السورية على مختلف توجهاتها السياسية والعسكرية في الداخل السوري ضمن إدارة واحدة ينتج عنها جسم سياسي موحد له تمثيل عسكري وحاضنة شعبية في الداخل السوري.

أين وصلت الخطوات؟

يبدو أن الحكومة السورية المؤقتة ماضية في تأسيس الإدارة الموحدة عبر اتخاذها عدة خطوات سريعة تضمنت تنازلات من أطراف النزاع في صفوف المعارضة العسكرية للمرة الأولى على هذا الشكل، وقد تضمنت الخطوات المنفذة:

  1. مباشرة الوزارات التابعة للحكومة السورية المؤقتة بالإشراف المباشر على إدارة مناطق الجيش الوطني وإقصاء الفصائل العسكرية واقتصار عملها ضمن المجال العسكري فقط تحت مظلة وزارة الدفاع.
  2. تفكيك الحكومة السورية المؤقتة لجميع المكاتب الاقتصادية التابعة للفصائل العسكرية وتأسيس صندوق مالي يتبع إلى وزارة الدفاع في الحكومة الموقتة.
  3. تمكن الحكومة المؤقتة من إعادة هيكلة الفصائل العسكرية ضمن آلية جديدة تشرف عليها وزارة الدفاع.
  4. توحيد المكاتب الإدارية والإعلامية في الفصائل العسكرية ضمن مكاتب إدارية وإعلامية موحدة تحت إشراف وزارة الدفاع في الحكومة السورية المؤقتة.
  5. إخراج جميع الفصائل العسكرية من المدن التي تقبع تحت سيطرتها وتوكيل المجالس المحلية والأجهزة الشرطية والأمنية التابعة للحكومة المؤقتة في إدارتها وبسط الأمن فيها.
  6. تسليم الفيلق الثالث، أحد أطراف النزاع والمحسوب على تيار الإخوان المسلمين ضمن الجيش الوطني السوري، جميع المعابر التي يشرف عليها مع النظام السوري وقوات سورية الديمقراطية والمعابر مع تركيا إلى الحكومة السورية المؤقتة لإدارتها والاستفادة من مواردها في المشاريع التنموية.

سيناريوهات وخيارات

تضع الخيارات المتاحة أمام المعارضة السورية لتشكيل إدارة مدنية موحدة في مناطق نفوذها عدة سيناريوهات محتملة ما بين الاندماج الكامل بين مكونات المعارضة بما فيها “هيئة تحرير الشام” والإبقاء على الشكل الحالي بإدارة المنطقة عبر حكومتين مركزيات. وأبرز الخيارات المتاحة، هي:

  1. تمكن فصائل الجيش الوطني السوري من تشكيل إدارة مدنية تدير مناطق سيطرتها تحت مظلة الحكومة السورية المؤقتة من دون إشراك “هيئة تحرير الشام”، واعتبار إدخالها، ليس أكثر رسالة تركية للتحفيز على تشكيل الإدارة بعيداً عن مصالح تلك الفصائل.
  2. فرض تركيا إشراك “هيئة تحرير الشام” في الإدارة المدنية لتأسيس إدارة موحدة تشمل جميع مناطق المعارضة بما فيها إدلب التي تقع تحت سيطرة “هيئة تحرير الشام” على الرغم من تصنيفها على قوائم الإرهاب الدولي.
  3. الإبقاء على شكل الحكومات الحالية “المؤقتة” والعاملة في مناطق الجيش الوطني مع تسلم الحكومة المؤقتة السيطرة المطلقة على الموارد الاقتصادية وأجهزة الأمن واقتصار دور الفصائل العسكرية ضمن وزارة الدفاع فقط، و الابقاء على “حكومة الإنقاذ” العاملة في مناطق سيطرة هيئة تحرير الشام، على شكلها الحالي، مع فتح قنوات التنسيق بينهما بما يتعلق بملفات الأمن والاقتصاد والإدارة، من دون دمج الحكومات بحكومة واحدة، هرباً من الوقوع في فخ التصنيف الدولي للإرهاب الذي يلاحق “هيئة تحرير الشام”.