طريق التنمية.. أُمنيات عراقية وعقبات

يعول العراق كثيراً على مشروع طريق التنمية العراقي الذي تروج له وزارة النقل العراقية بدعم من الشركة الإيطالية المصصمة للمشروع الإستراتيجي الذي كان محوراً أساسياً في المؤتمر الدولي لوزراء النقل الذي عقد نهاية الشهر، والذي يُمثل أهمية كبيرة لاقتصاديات العراق والمنطقة.

حلم عراقي

لقد راهن العراق عبر عقد سلسلة اجتماعات استضافتها بغداد على الدعم المقدم من قبل دول الجوار والمنطقة عن طريق الاستثمار ودخول المناقصات الخاصة بهذا المشروع الذي أشار رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني  في كلمة أثناء جلسة مع كبرى الشركات الألمانية في كانون الثاني/ يناير الماضي، بأن شركات أماراتية وقطرية قد تشارك بالاستثمار في طريق التنمية.

ويرى المسؤولون العراقيون أن مشروع طريق التنمية استراتيجي ويمثل حلم العراق، وهو مكمل لمشروع ميناء الفاو الكبير وسيكون الأكبر على مستوى البلد ويضم خط سكك حديد مزدوجاً، فضلاً عن طريق بري سيتم إنشاؤه بأحدث التقنيات، وتقدر الطاقة المتوقعة للنقل في المرحلة الأولى من طريق التنمية بنحو 3,5 ملايين حاوية سنوياً، و22 مليون طن بضائع، فضلاً عن خدمة قرابة 15 مليون مسافر سنوياً.

ويضم المشروع سكة حديد يمر بعشر محافظات عراقية، وفق المسؤولين العراقيين، وسيكون ممراً مهماً من العراق إلى الأسواق الأوروبية.

مراحل تنفيذ المشروع

ووفقا للمعلومات فإن الدراسات الأولية والنهائية ودراسات الجدوى اكتملت بالنسبة للسكك الحديد والطريق السريع والعمل الآن يجري ضمن مرحلة التصاميم وفي حال اكتمالها ستتم الإحالات إلى الشركات المتخصصة في هذا المجال وسيتم الإعلان عن مناقصات دولية.

وينقسم المشروع على ثلاث مراحل بالتزامن مع اكتمال ميناء الفاو الكبير، وسيتم إنجاز المرحلة الأولى سنة 2028، وسيكون الخط السككي والطريق السريع جاهزين لخدمة الداخل العراقي وباتجاه أوروبا عبر تركيا، فيما ستنجز المرحلة الثانية سنة 2038 والثالثة سنة 2050، وسيصل ميناء الفاو إلى كامل طاقته الإنتاجية والاستيعابية بعد اكتمال تلك المراحل وستكون المشاريع المرتبطة به مكتملة.

تحديات سياسية وعقبات

ومن غير المعروف حتى الآن مدى تأثير  المشروع على دول جوار العراق، مع وجود مشروع متقدم لإنشاء سكة الحديد العربية التي تربط دول الخليج بالأردن وتمر بالعراق وسورية وباقي دول المنطقة، إذ من الضروري تكوين رؤية واضحة فيما يتعلق بأثار هذا المشروع بشقيه: الطريق السريع وسكة الحديد، لتحقيق التكامل الاقتصادي المنشود.

ويواجه المشروع عقبات تتعلق بعضها بالجانب التشريعي وسن القوانين الخاصة بدفع الرسوم للمسافرين والبضائع،  كون هذا المشروع سيربط شرق قارة آسيا بأوربا، الأمر الذي يفرض إبرام اتفاقيات خاصة بالتبادل التجاري ليتم دراستها ومعرفة جدوى هذا المشروع وأهميته من قبل الدول المعنية.

ويواجه المشروع سلسلة من التحديات السياسية والأمنية والتمويلية الهائلة:

1 ـ مالياً يحتاج المشروع أكثر من 20 مليار دولار وهو مبلغ كبير ويعتمد نجاح المشروع على أهمية الدعم السياسي والمالي من دول الخليج العربي، مثل السعودية والإمارات، لضمان إنجاحه.

2 ـ جيوسياسياً هو مرهون بعدد من العوامل، وخصوصاً أن إيران كقوة إقليمية قد تشعر بأن هذا المشروع يهدد مصالحها، وتعمل على عرقلة مساره، لأنه سيكون بديلاً عنها للربط بين الشرق الأقصى وأوروبا، وكان ملامح ذلك الانزعاج واضحاً من خلال مواقف قوى سياسية عراقية قريبة لها عبرت عن الامتعاض من هذا المشروع واعتبرته مضراً للعراق في خطوة تمهيدية لتصعيد المعارضة ضده.

3 ـ عدم الاستقرار السياسي وانعدام الأمن في العراق قد يُعرض المشروع للخطر، لأن نجاحه يعتمد بشكل خاص على الظروف الأمنية في المنطقة، وسط استمرار وجود خطر داعش والمليشيات وحزب العمال الكردستاني على إنشاء الممر ومنع الوصول إلى تركيا.

4 ـ قد يؤثر مشروع طريق التنمية على الجغرافيا الإقتصادية لدول المنطقة، وخصوصاً على ميناء بندر عباس في إيران، وموانئ أخرى في الخليج، فضلاً عن منافسته القوية لطريق النقل في البحر الأحمر وقناة السويس في مصر، الأمر الذي قد يُعيق الحصول على دعم دول المنطقة.